Tuesday, October 6, 2009

حوار بين طفل ساذح وقط مثقف 5



حين اتصلت دموعي بموائه.. ونشيجي بارتعاشه وتوحدنا تماما.. انفصل كلانا عن الآخر.. قفز القط من صدري إلي الأرض واختبأ تحت كرسي قديم.
سأعرف فيما بعد أن الألم يفصل المخلوق عن المخلوق، ويدفع كليهما لأحضان الرحمة الخالقة.. انكفأ القط علي نفسه يلعق ذيله الجريح.
انحنيت علي الأرض ونظرت إليه في مكانه ورحت أفكر.. ماذا أفعل؟ كنت أبكي ولا أعرف ماذا أفعل.
صرختُ علي أمي قائلا: صبغة يود يا ماما؟!
قالت أمي: حاضر يا حبيبي.
أسرعت تحضر صبغة اليود.
قال القط:ابتعدوا عني أيها الوحوش.. لا حاجة بي لدوائكم. سألعق جرحي وليكن ما يكون.
سألته باكيا: ما هي أخبار ذيلك.. هل تتألم الآن؟
قال في مواء طويل متصل: ألم من نوع يخرجني من ذاتي.
قلت: ماذا أفعل من أجلك؟
قال: صل من أجلي.
قلت: ماذا أقول لله؟
قال: لا تقل شيئا.. هو يعرف.
وهكذا توجهت إلي الله في سن العاشرة.. كان مركبي ذيل قط مقطوع.. وشراعي ملح تضمه دموع.. وكانت شهنفة الدموع واضطراب الصدر بديلا عن حركة الموج.. ولست أذكر الآن ماذا قلت لله.
إنما أذكر أن القط صرخ يحدثني قبل أن يختفي تحت المائدة:
ــ لا تبتئس.. الألم طريق إلي الله ونافذة علي رحمته.
لم أفهم عبارته الغامضة.
كانت خصلات شعري شديدة النعومة عميقة السواد، وكان للقط شعر فضي أشيب يميل إلي الصفرة، وقد أوقعني الفارق بين اللونين في البحر فلم أفهم، ليس سهلا علي الجزء الطفل من سواد الليل أن يفهم حكمة البداية الأولي للفجر.. لا بد أن يدخل الشعر الأسود دورة الويل ويتحول إلي البياض لكي يفهم.
وسقتني الأيام.. يوما بعد يوم.. معني عبارته.
الألم طريق إلي الله ونافذة علي رحمته.
سأعرف فيما بعد عندما أحب أن الخمر أحيانا تجيء من العنب، وأحيانا أخري تجيء من الوجع.
انجرح ذيل القط وطار جزء منه فصرخ، ثم نسجت الخلايا ضمادة أوقفت تدفق النزيف فسكت.
ماذا لو انجرح روح الإنسان جرحا لم يدر كيف ينسج حوله ضمادة؟!
ماذا لو كانت كلمة: «لم أدر» هي نفسها الجرح والسكين، هي الضحية والجاني، هي نفسها قمة الفرح وذروة الألم؟!
سقتني بيمناها وفيها فلم أزل
يجاذبني من ذاك أو هذه سكر
ترشفت فاها إذ ترشفت كأسها
فلا والهوي لم أدر أيهما الخمر
هل فهمت يا سيدي القط معني ما أريد قوله؟ أرجوك أن ترد.. أتوسل إليك أن تجيب.. لم يرد القط.
لم يكن موجودا حين طرحت عليه السؤال.
أسأله الآن سؤالا عن حادث وقع بعد موته بعشرين عاما، كيف أتوقع منه أن يجيب، أيكون الجنون قد صور للحاضر أنه يستطيع أن ينظر في مرآة الماضي ليري صورته؟!
لا أعرف.
عرفت كل شيء إلي الحد الذي صرت فيه لا أعرف شيئا.
وشربت كل الأنهار حتي قتلني العطش.
وأحببـت كـل الصور وغـاب عـني أن أرفع تنهيدة حب واحـدة إلي المصور.
من حق الحياة أن أدفع الثمن.
أضاعني ما أضاع صيادا كان يجري في الصحراء وراء ظل لطائر يسبح في السماء، متصورا أن الظل هو الطائر، وكلما أهوي الصياد بنفسه علي الأرض محاولا إمساك الظل تطايرت الرمال ودخلت في عينيه فدمعت عيناه.
ويري الصياد أحد الزاهدين فيرق لحاله، ربما قال في نفسه:
ــ تُري.. ما الذي يبكيه هذا الرجل الطيب.. أتراه مثلي عاشقا للحق؟!
لا يعرف الزاهد أن الرجل لا يبكي.
لا يدرك سر الرجل غير ذرات الرمال التي دخلت في عينيه.. لا يري الزاهد غير صورة الظاهر، بينما يعاين الحق حقيقة الباطن.
عذري أنني لم أكن أعرف.. لم أكن أفهم.. لم أكن أدري..!
عذري أن شعري كان أسود وقلبي كان أبيض.
حين انداح العذر وغرق، وتحول الشعر إلي البياض ونضج، كان القلب يستعير من الشعر نضج لونه الأسود.. وعاودت الأرض جريانها في الفضاء.


--------------------

نييييييييييييييييييييييييييو

1 comment:

MahmoudElbadry said...

السلام عليكم
اكتر حاجة تزعل بجد لما يكون حد قدامك عيان جدا و بيتألم قدامك و انت مش عارف تعملوا حاجة
بتكون عاوز تعمل اي حاجة و تخليه مش بيتوجع
و طبعا محدش هيشفيه الا ربنا
و ساعتها لازم تقول يا رب

في موقف زي ده حصل فعلا مع قط عندي
كان اسمو مشمش
و هو صغير مكملش اسبوعين
اخويا داس علي بطنو
و هو كان صغير اوي و مكنش يستحمل
طلع دم من ودنه و من انفه
و احنا قلنا ده خلاص مات
راح تحت السرير و كنا مش عارفين نعملو حاجة بس الحمد لله
بد يومين رجع سليم و مكنش فيه اي حاجة
الحمد لله ربنا شفاه

"اللهم اشفي مرضانا و مرضي المسلمين"

سلاااام