Wednesday, September 23, 2009

حوار بين طفل ساذح وقط مثقف 1




في سن العاشرة.
كانت جميع المخلوقات التي تزيد عني قليلا في الطول، تعاملني علي أنني أقصر وأصغر وأقل.
واشتقت أن أعامل أحدا أقصر مني .. أردت أن أمارس إحساسي بالسيادة.. متصورا أن السيادة هي صدور التصرفات من علو شاهق، وبحثت طويلا عن أقرب الأشياء إلي الأرض، معتقدا أنها ستطيعني مثلما أطيع من هم أطول مني.
وتحرك علي أرض دكان البقال قط أصفر «مبرقش» بالبياض.. انحنيت عليه فتوقف عن السير.. التقطته من الأرض وبدأت قصة صداقتي للقطط.
قلت للقط: سآخذك معي إلي البيت.
قال: أرأرأررررر.
قلت: ما معني هذا؟!
قال: أقرأ فلا تشغلني بالحديث حتي أنتهي.
قلت: أحدثك وأنت تقرأ.. أي قلة ذوق!
قال: لا تتصور أنك اشتريتني لأنك ستأخذني معك إلي البيت.. أنا قط، ولكنني مخلوق حر تماما.. صغير، ولكنني لست عبدًا لأحد.
نعست عيناه وهو يقول عبارته الأخيرة، وغرس أظافره في صدري فأحسست وخز مخالبه الطرية وازددت حنوا عليه.
دخلت به بيت أبي وأمي فصرخت أمي:
ــ ماذا تحمل علي صدرك؟
قلت: قط من دكان البقال.
صرخت أمي:
ــ القط أجرب ومريض وغدا يمرض البيت كله.
صرختُ في أمي أن القط سيبقي ولو انطبقت السماء علي الأرض.. ضربت الأرض بأقدامي وازددت تشبثا بالقط.. نزل القلم علي وجهي فازددت احتضانا للقط وانهمرت دموعي فوقه..وكان القط التعيس يحمل في جسده آلافا من ذرات التراب، واختلط الماء بالتراب فأضيف إلي لونه الأصفر لون الطين.. وبدا مظهره كالحا بائسا شديد الخوف.
ولست أعرف أي قوة ينطوي عليها الماء، تراجعت أمي أمام دموعي وسمحت بأن يبيت القط في البيت حتي الصباح، بشرط أن يستحم.
وافقت علي الشرط القاسي، وقاوم القط مقاومة يائسة.. وكلما نزل فوق جسده دش الماء الساخن كان يصرخ ويستنجد بكل قوي الأرض والسماء أن تنقذه.. ولم أفهم سر كراهيته للماء إلا فيما بعد.
ظل القط يرتعش بعد الحمام فترة طويلة، ولففناه في فوطة قديمة واعتبرت نفسي مسئولا عن تدفئته.
قلت له وأنا أربت علي جسده لأهدئ ارتعاشه:
ــ لشدَّ ما تكره النظافة.
قـال القـط: خطـأ.. أنتـم وحـوش.. لا تستـحم القطـط بالمـاء
والصابون كالآدميين.
قلت له: كيف تستحم القطط إذن؟
قال: بلسانها.. تلحس نفسها بلسانها فيعود جسدها إلي أصله من النظافة.
قلت له: لماذا لم تلحس جسدك وتريحنا من المشقة؟
قال: باطني شديد البياض ولست في حاجة إلي نظافة الظاهر.
قلت له: مدهش.. تتكلم مثل الزاهدين!
قال: نحن في نعمة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف.
قلت له: تتكلم مثل حكيم، ولكنني لا أفهمك!
قال: زاهد أو حكيم، لأكن من أكون، ولكن داخلي طفلا من حقه أن يجوع مثلك.


--------------------

نييييييييييييييييييييييييييييو

1 comment:

MahmoudElbadry said...

ماشاء الله
احمد بهجت ده بيكتب ببلاغة اوي
ما شاء الله
كلامة حلو اوي و مناسب

بس انا محبتش القطط عشان انا قصير زيو
;)
بس هو لو كان وصف القطة و حد بيحميها فعلا صح

مكنش اصلا هيعرف يكتب من الي هيحصلو