Monday, September 14, 2009

مقدمة كتاب "حوار بين طفل ساذح وقط مثقف"

مــقــــدمـــــة


في حياتي ثلاث قطط رئيسية.. وعشرات القطط الضالة التي شرفت بمعرفتها..أول قط في حياتي كان ذكرا أصفر اللون هادئ العينين.. سميته «هني».. علي اسـم العـسل، فقد كان لونه يشبه لون العسل الأصفـر الذي يجيء من نحـل تغذي علي زهـور البـرتقال.. وما زلت حتي اليوم أعشق العسل إحياء لذكراه.. وإليه يرجع سر حبي واحترامي للقط، فقد علمني هذا القط كثيرًا من دروس الحياة، وكان صديقا في السراء والضراء.. وحين خرج يوما ولم يعد.. أدركت معني الاغتراب في الدنيا.. وفهمت منذ طفولتي لذع فراق من نحب.
القطة الثانية في حياتي كانت أنثي ناصعة البياض.. لم أطلق عليها اسما.. فقد كانت تعيش في جريدة الأهرام القديمة أيام كان مبني الأهرام في شارع مظلوم.. وسميتها «قطة الأهرام».
والحقيقة أنها كانت بطباعها الملكية وجمالها الفريد.. شيئا يصعب تسميته.
جسدها كان أبيض وعيناها خضراوان.. فتخيل أنت مساحة بيضاء تطل منها روح خضراء.. وتصور هدوءها حين تجلس ثماني ساعات علي ذراع مقعدي.. لا تتحرك ولا تهز ذيلها لكي تدع لي فرصة التركيز في الكتابة.. وتشجعني هي بأن تقرأ قراءة القطط المعتادة:
ــ آرأر رررررررر.
وقد مرضت هذه القطة أثناء سفري إلي الخارج في رحلة صحفية، وكانت أكرم من أن تموت إلا علي صدري حين عدت.. وحين سألتها جزعا:
ــ مالك يا روحي؟!
نظرت إليَّ نظرة خرساء تكشف عن بئر من الألم الصابر التي غاضت آخر مياهه.. ورأيت في عينيها الخضراوين عكارة النهاية، وانغرس في قلبي إحساس بأن كل شيء في الدنيا صائر إلي الموت.. وبدأت كراهيتي للدنيا من يومها، وأي غفلة أن يحب الإنسان مكانا لا دوام فيه لشيء ولا لحب ولا لأحد.
القطة الثالثة عاشت معي في البيت خمسة عشر عاما، اسم التدليل الذي نناديها به «لؤلؤة» واسمها الأصلي ليلي.. ولها في حياتي قصة غريبة.. وهي رمادية اللون في أجزاء، بيضاء في أجزاء أخري، تنتمي إلي النوع البلدي وإن كانت تنحدر من عائلة عريقة.. فأمها قطة من قطط الأهرام.. ماتت أمها في حادث وكان لي شرف احتضانها وهي طفلة لم تزل ترضع.
وإلي جوار هذه القطط الثلاث عرفت مئات من القطط.. وربت علي رءوس مئات من القطط، وأكلت مع مئات من القطط، وعرفت معني الأجر في الأكباد الرطبة.. وإني لأحمد الله تعالي حمدا ينبغي لجلال وجهه ويليق بعظيم سلطانه، فلولا هذه المخلوقات اللطيفة التي سخرها لي أو سخرني لها (لست أعرف) لقضيت الجزء الأكبر من حياتي أعاني من الغربة.
أعترف أن هذه القطط كانت تؤنس وجودي.. وكانت تمنحني لحظات من التأمل والتفكير والسعادة يستحيل علي أي ملك أن يشتري مثلها بذهب مملكته.
والقط في نهاية الأمر مخلوق من مخلوقات الله..وليس في خلق الله إلا الإعجاز والجلال.
لعل القارئ يريد أن يعرف قصص كل قطة علي حدة.. هذا صعب للغاية.. أو لعل القارئ يشك في أنه يقرأ سطورا لرجل مجنون.. إن العبارة الشائعة عن القطط أنها حيوانات خائنة وغادرة.
أذكر أني سألت قطتي «لؤلؤة» يوما عن حقيقة هذه العبارة فقالت بلغتها الخاصة:
ــ أطلق جنس الكلاب علينا هذه الشائعة..لا تخون القطط إلا إذا جاعت.. ولا تغدر إلا إذا أحست بالخوف وانعدام الأمان.
لعل شك القارئ في جنون الكاتب يزداد تأكدا.
مهلا يا سيدي.. ولا تكن كزوجتي التي تحتقر القطط لأنها حيوان.. لو أنك مكتهل التجارب مثلي لعرفت أن العبرة في الخلق ليست بكبر حجمه وعظم جرمه، ولا بكونه إنسانا أو حيوانا.
ورب إنسان تنزل به تصرفاته إلي مستوي أقل من مستوي الحجارة.. ورب حيوان صغير يرفعه تواضعه إلي النجوم، والله تبارك وتعالي يوحي إلي النحل، ويسخر هدهدًا ضعيفًا لكشف قضية خطيرة من قضايا الإلحاد، وعبادة الشمس، ويوقف خيط العنكبوت في الصراع أمام حديد السيوف.
لا تحتقر أحدا لأن الله اختار أن يخلقه حيوانا.
تعلم أن تتعلم من خلق الله.
إن الصورة ليست إلا ظلا.
ولا يعلم حقيقة الكنه والمعني سوي الله.
تواضع في نفسك واقرأ كلماتي عن «القطط».
سأحدثك عن تجربة طفل ساذج مع قط مثقف. وإذا راودك شك في جنوني لأنني أكتب عن القطط، فأنت يا سيدي أشد جنونا لأنك تقرأ ما أكتبه.

أحمد بهجت
===========

نييييييييييييييييييييييييييييو

3 comments:

MahmoudElbadry said...

بصراحة كلام الدكتور الي كاتب الكتاب حلو اوي :)
و تقريبا نفس فكري
مفيش حاجة اسمها القطط غداره حتي لو هي جعانة
!!!!
انا عشت مع كذا قطة و معرفتش عنهم انهم ممكن يأذوني عشان الاذي ذات نفسه
بس هما كانو بيأذوك لما تأذيهم

سبحان الله الخالق

ان شاء الله حاول اكمل الكتاب ده
الطريقة البلاغية بتاعت الي بيحكي احسن مني ب 100 مرة
ما شاء الله

sh3at said...

يا سلام عليك يا بدري ده انت حياتك كلها قطط في قطط بقي شكلك هتجيبلنا قطط معاك في المدينة

MahmoudElbadry said...

مش لما يكون عندي قطة في البيت
:((
علي فكرة لو قبلت مدينة و طلت اجيب واحدة هجيب
بس انت عارف انو مينفعش
:((